المملكة العربية السعودية- تحولات تقنية رائدة في القطاع الصحي بالذكاء الاصطناعي

المؤلف: نجيب يماني10.09.2025
المملكة العربية السعودية- تحولات تقنية رائدة في القطاع الصحي بالذكاء الاصطناعي

تشهد المملكة العربية السعودية تحولاً تاريخيًا بالغ الأهمية، يضعها في صدارة الدول الرائدة في ميدان التكنولوجيا المتقدمة. هذه التغيرات العميقة في القطاع التقني تأتي بتوجيهات حكيمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبقيادة ملهمة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مهندس التغيير وصاحب رؤية المملكة الطموحة.

استضافت الرياض فعاليات مؤتمر (ليب 2025)، الحدث التقني الأبرز في منطقة الشرق الأوسط، والذي سلط الضوء على التطورات الهائلة التي يشهدها القطاع التكنولوجي في المملكة. وتم خلال المؤتمر الإعلان عن حزمة استثمارات ومبادرات تقنية ضخمة، تجاوزت قيمتها 25 مليار دولار أمريكي.

هذه الاستثمارات تصب في معظمها في دعم مجالات حيوية مثل تعزيز الابتكار في البنية التحتية الرقمية، وتطوير مهارات الكفاءات الرقمية الوطنية، ودعم أنشطة البحث والتطوير والابتكار، بالإضافة إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وتطوير وتدعيم البنية التحتية التقنية بشكل عام.

وقد كان من بين المشاركين البارزين في مؤتمر (ليب) معالي الدكتور ماجد بن إبراهيم الفياض، الرئيس التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وهو من الشخصيات الوطنية التي تعمل بدأب على ترجمة مخرجات رؤية المملكة إلى واقع ملموس ومزدهر.

فالمملكة المتجددة، مستلهمة برؤية قائدها، سخرت التقنية لخدمة الإنسان في المجال الصحي، لتتحول من مجرد مستهلك للتقنيات الطبية إلى شريك فاعل في تطويرها وتوظيفها لخدمة صحة ورفاهية الإنسان.

وقد سجلت المملكة إنجازاً باهراً ببراءة اختراع في طريقة مبتكرة لزراعة القلب الروبوتية، وهو إنجاز لم يكن مجرد نجاح طبي، بل شكل منعطفاً حاسماً في أسلوب إجراء العمليات الجراحية الكبرى والمعقدة، مؤكداً أن التقنيات الحديثة قادرة على جعل العمليات الجراحية أكثر دقة وأماناً، وأقل تعقيداً.

كما أسهم التطور الصحي، كأحد الثمار اليانعة للرؤية، في إعادة تشكيل المشهد الطبي على مستوى العالم، فأصبحت المملكة لا تكتفي بمواكبة التطورات، بل تضع بصمتها الفريدة في الابتكارات الصحية، معتمدةً مفهوم أن المريض هو محور وغاية كل هذه التحولات، حيث تساهم التقنيات المستحدثة في تحسين تجربته العلاجية من خلال تقليل التدخلات الجراحية، وتسريع وتيرة الشفاء، والحد من المضاعفات، مما ينعكس إيجاباً على جودة الحياة الصحية للمواطن.

وأوضح الدكتور الفياض أن مستقبل القطاع الصحي لا يقتصر على جدران المستشفيات، بل يتحقق من خلال التكامل بين مختلف القطاعات، حيث يمكن للابتكارات في مجالات الأمن والصناعة والتقنية أن تقدم حلولاً مبتكرة وغير تقليدية للرعاية الصحية.

وهذا هو الهدف الجوهري الذي يسعى إليه مؤتمر ليب الرياض، وهو تمكين المملكة من امتلاك حلول متطورة قائمة على الذكاء الاصطناعي، وضمان امتلاك القدرات اللازمة للابتكار والتوسع في آفاق الاقتصاد الرقمي الرحبة.

وهو أيضاً ما تطمح إليه قيادة المستشفى، من خلال مواكبة واستثمار كل ما هو جديد في هذا المجال الحيوي، وخاصة فيما يتعلق باستخدامات الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح عنصراً فاعلاً ورئيسياً في منظومة الصحة والطب الحديث.

وقد سبق هذا المؤتمر تنظيم «التخصصي» لمؤتمر الصحة الرقمي «DHCon» في الرياض، تحت شعار «الذكاء الاصطناعي التطبيقي في قطاع الرعاية الصحية»، والذي شهد مناقشة أكثر من 25 بحثاً قيماً من كبرى المؤسسات الصحية والأكاديمية وشركات التقنية، من 15 دولة حول العالم.

وتناولت هذه البحوث جوانب مختلفة من رحلة الصحة الرقمية، والطب الحيوي، والقيادة في عصر الذكاء الاصطناعي، كما تضمنت عرضاً للعوامل الأساسية والثابتة للسلوك البشري وعلم الأعصاب، ومحاكاة وتعليم الجراحة بلا حدود، إلى جانب تقنية المعالجة الذهنية في الرعاية الصحية، والكشف المبكر، والتشخيص المعتمد على الذكاء الاصطناعي في طب القلب، إضافة إلى تعزيز أنسنة البيانات وتوسيع نطاق الذكاء. وتطوير الوثائق والسجلات الطبية بما يسهم في توفير البيانات المطلوبة في الوقت الفعلي.

وتم خلال المؤتمر إطلاق مبادرات رائدة، مثل مبادرة «سباين»؛ التي تهدف إلى تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي وتعزيز الشراكات في الرعاية الصحية، والعمل على تحسين نتائج الرعاية الصحية، مع خفض التكاليف، فضلاً عن تعزيز الابتكار في القطاع الصحي، وفتح مسارات التعاون المثمر بين الأطباء والباحثين وخبراء التقنية.

كما تم تطوير نظام «أنفال» المبتكر، القائم على تقنية الذكاء الاصطناعي، للتنبؤ بمستويات رضا المرضى، وتحليل تجربتهم، وذلك في إطار سعي المستشفى الدؤوب لتطوير البنية الرقمية وتعزيز جودة البيانات، بالإضافة إلى مبادرات أخرى في تطبيقات أتمتة البروتوكولات العلاجية، والطب الشخصي، والعمليات الجراحية الروبوتية، لتعزيز مسيرة «المسار التقني الراشد للتخصصي» ليتبوأ مكانة مرموقة بين المستشفيات ومراكز البحث العالمية الرائدة المواكبة لحركة التطور العالمي الهائلة في هذا المضمار، وليكون سعيه محموداً وجهده مباركاً وهو يطمح لأن يكون ضمن أكبر عشرة مستشفيات على مستوى العالم.

وتحث رؤية المملكة الطموحة على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي على النحو الأمثل الذي يسهم في تقديم رعاية صحية متخصصة للمريض، وتحسين جودة الحياة، وتحقيق الرفاهية للمواطن وتيسير سبل عيشه في بيئة صحية معافاة وسليمة.

ومما لا شك فيه أن اكتشافات الذكاء الاصطناعي في مجال الطب ستكون غزيرة ومثمرة، مما يعطي الأمل في التوصل إلى علاجات للكثير من الأمراض المستعصية، ومكافحة الشيخوخة والعجز الجسدي، وتحقيق قفزات نوعية في مجال زراعة الأعضاء.

إن تطلعات القيادة الرشيدة تضع الإنسان في صدارة اهتماماتها، ساعيةً لتوفير أفضل الظروف المعيشية له، وتحسين جودة حياته، وإشراكه بفاعلية في منظومة الحياة المتطورة، عبر توسيع دائرة التعامل مع الذكاء الاصطناعي، والتقنية الحديثة، باعتبارها من أساسيات ومتطلبات العصر لمواكبة التطورات المتسارعة في عالم المستقبل الصحي القريب.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة